Mohamed Adel, Cairo Community Manager
تشترك غالبية المجتمعات المهمشة أو العشوائية في صفات كثيرة مثل غياب غالبية الخدمات الأساسية، من مياه الشرب والكهرباء، والصرف الصحي. بالإضافة إلى انتشار القمامة ونقص الخدمات التعليمية ووقوع بعض المناطق تحت كابلات الضغط العالي والتعرض للأخطار العمرانية مثل انهيار المباني والإخلاء القسري.
لطلما كانت هذه المجتمعات وأحوالها محل اهتمام العديد من المنظمات والمبادرات التي دأبت على دراسة المشاكل والتحديات القائمة حتى صرنا اليوم نرى حلولاً تهدف إلى جلب التنمية والرخاء لهذه المجتمعات.
كل هذه المشاكل والتحديات التي ذُكرت سابقاً وغيرها ترصدها وتوثقها سلسلة “الحق في السكن” ضمن مبادرة “الحق في السكن، مجتمعات عمرانية عادلة ومستدامة” التي تهدف إلى الربط بين قضايا العمران ومشاكله بالحق في السكن مقترحةً وجوب احترام الحق في السكن في الدستور والقوانين حتى نملك حلول واقعية لغالبية هذه التحديات والمشاكل، مستبدلين السياسات والقوانين الضعيفة بأخرى جيدة وقوية تعكس رغبات واحتياجات الناس.
أطلق المدون المصري والباحث في مجال العمران يحي شوكت عبر مدونته وزارة الإسكان الظل هذه المبادرة بالتعاون مع حركة ”مصُرين“ للصحافة الشعبية، و”مؤسسة التعبير الرقمى العربى (أضف)”
تعد الحلقة الأولى من هذه السلسلة الوثائقية بعنوان “عشوائية؟ لا يا بيه دي مجهودات ذاتية” مقدمة ترصد وتسلط الضوء على بعض تجارب المجتمعات العشوائية في مصر لبناء وتنمية مجتمعاتهم معتمدين على المجهودات الذاتية متكيفين مع وضع غياب الحق في السكن وقيامهم بالدور الواجب على الحكومة.
عزبة الهجانة، إحدى المجتمعات العشوائية الكبرى التي تم التصوير بها في تلك الحلقة، تقع عزبة الهجانة عند الكيلو 4.5 طريق مصر السويس، شرق مدينة نصر، شرق القاهرة، وتبلغ مساحتها حوالي 750 فدان (3.15 كم مربع)، تتفاوت تقديرات تعداد السكان بشكل كبير حيث قدرت مؤسسة الشهاب للتطوير والتنمية الشاملة تعدادها بأكثر من مليون نسمة، بينما تقدرها جمعية كاريتاس مصر بأكثر من نصف مليون نسمة، وتشيرا دراسات الحكومة إلى وجود أقل من 40 ألف نسمة.
بالرغم من مكانها بين المناطق السكنية الغنية، كمدينة نصر ومصر الجديدة والمدن الجديدة، إلا أنها تشارك مأساة المجتمعات العشوائية. تتكون عزبة الهجانة من أربع مناطق، فقط تتمتع واحدة منها بالخدمات الأساسية بينما تقل الخدمات وتكاد تنعدم تماماً في باقي المناطق.

تعمل العديد من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في المنطقة لمنح الأمل لأهالي عزبة الهجانة. في عام 2011 أسس الأخوان شريف وطارق حسني مؤسسة شادوف، الأسم مستوحى من الآلة المصرية القديمة التي كانت تستعمل لرفع الماء من منسوب منخفض إلى منسوب أعلى. تهدف شادوف إلى تحسين مستوى الفقراء ودفعهم فوق مستوى خط الفقر عن طريق منحهم الفرصة لزراعة الأسطح المنزلية أو ما يعرف بالحدائق الصُغرى التي تنتج محاصيل صحية ومستدامة. توفر شادوف للأهالي التدريب التقني والمعدات.
تتراوح تكلفة المزرعة الواحدة بين 7,000 إلى 15,000 جنيه مصري تُقدم عبر قروض سهلة الدفع ويتم تسديده من خلال جزء صغير من مبيعات المحصول الشهري بينما يتم التدريب مجاناً. كما تعرض شادوف شراء المحصول من العائلات لحل مشكلة المبيعات والتسويق.
في شهر مايو/ أيار الماضي بدعم من مؤسسة التعاون الألماني، والوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية وبالتعاون مع مقر جمعية كاريتاس مصر في عزبة الهجانة، عقدت مؤسسة شادوف تدريب لزراعة الأسطح وذلك بتدريب 20 مشارك حول تقنيات وأساليب الزراعة المائية، تهدف شادوف إلى تدريب 180 مشارك بنهاية هذا العام حتى يمتلكوا مزارع أسطح خاصة بهم.
يعد إحياء فكرة حدائق الأسطح لمبادرة مؤسسة شادوف إحدى البدائل لمواجهة ولو جزء من المشاكل والتحديات التي ترصدها وتوثقها سلسلة “الحق في السكن”، وتنجح المبادرة في تعزيز المجتمعات لتنمية وتحسين حياتهم للتمتع بحياة كريمة في ظل غياب العون من الدولة.