هويدا كامل – مديرة وحدة القاهرة
إذا قارنا موارد المياه العذبة المتوفرة بمصر بموارد مياه الدول الاخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, نجد أن مصر لديها أكثر كميات من المياه العذبة، و ذلك بفضل نهر النيل العظيم. تشير احصاءات الحكومة أن ٩٩ في المئة من سكان البلد يحصلوا على المياه بطريقة ما, بسبب تواجد معظمهم بجوار نهر النيل. اظهرت الاحصاءات أيضا أن المياه العذبة متوفرة لجميع سكان المناطق الحضرية, ولكن تجاهل هذه الاحصاءات العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تظهر في قطاع المياه بمصر.
وفقا لتقديرات اليونيسيف(UNICEF), تتسبب حوالي %٩ من وفيات الأطفال من أمراض مرتبطة بالمياه غير النظيفة مثل الاسهال الحاد. وفي حين تدعي الحكومة أن الماء تصل لجميع سكان المناطق الحضرية، سوى نحو %٩٢ من الأسر في المناطق الحضرية يمكنها الوصول إلى مصادر المياه الصالحة للشرب, و تشمل هذه الإحصائية الأسر التي تم تسجيلها رسميا فقط .في معظم الاحيان تتكون مصادر المياه في القطاع غير الرسمي من مصادر جوفية و فردية لم يتم صيانتها بانتظام, و عدم وجود التخطيط العمراني في هذه المناطق يؤدي إلى تدهور هذه المصادر, حيث تتلوث من النفايات الحضرية و تسربات مياه الصرف الصحي.
عديد من المنظمات المحلية بدأت معالجة قضايا الصحة والصرف الصحي، خاصة بالنسبة للأطفال, و لكنهم لم يتناولوا المسائل التي تدور حول تفاقم جودة المياه. ذكر رئيس الوزراء الحالي هشام قنديل فى خطابه الشهر الماضي أن سبب إصابة الأطفال المصريين بالإسهال ليس شربهم لمياه غير نظيفة, بل هي مشكلة تنتج عن الرضاعة وعدم اعتناء الامهات بنظافة صدورهم. أظهر خطابه أن نقص التعليم عن المياه والصرف الصحي هي مشكلة من المشاكل الرئيسة في مصر، فقد تؤدي إلى إنتشار الجهل حول قضايا نظافة المياه, وتغاضي عامة الشعب لطرق بسيطة جداً للقضاء على البكتيريا و الملوثات مثل غليان الماء.
في عام ٢٠٠٤, بذلت الحكومة جهود كبيرة لرفع مستوى الوعي العام عن المياه والصرف الصحي في المدارس والجامعات الحكومية, و لكنها لم تنجح بسبب عجزها عن تطوير المنهج بشكل مؤثر، و وجود القيود البيروقراطية التي تمنعها من تطبيق برنامج تعليمي موحد في مجال المياه. وكرد فعل، اطلقت منظمة (Wadi Educational Science Center | WESC) برامج تعليمية خاصة بها لتثقيف الطلاب حول مشاكل المياه في مصر و العالم، وتعليمهم أساليب مستدامة وغير ضارة بالبيئة للحفاظ على المياه. بدأت هذه المبادرة في عام ٢٠٠٥ بمجموعة صغيرة من الفتيان والفتيات في الصف السادس و ما فوق, يجتمعون في (WESC) لمدة ثلاثة أيام لحضور برنامج تدريسي مكثف ينسقه موظفين الجمعية و خبراء المياه الدوليين.
ما يجعل برنامج (WESC) ناجح جدا هو أن نفس مجموعة الطلاب التي تكمل البرنامج, تقوم بعد ذلك برحلات ثقافية في منطقة وادي النيل والدلتا لإجراء المنتديات التي تعلم أطفال القرية, مسؤولي المدارس, أولياء الأمور, وقادة المجتمع كيفية إدارة المياه واستخدامها بطريقة صحيحة. والهدف من هذا النهج هو تشجيع جميع أفراد المجتمع على تحديد وإيجاد حلول لقضايا المياه. تعتبر(WESC) أن ادارة وحماية المياه بشكل جماعي أمر مهم جداً, لأن الماء من الموارد الأساسية في الحياه.
تمكنت منظمة (WESC) من نقل المعلومات بطريقة مباشرة إلى ما يقرب من ٧٢٠٠ نسمة من القرويين في ٢٥ قرية مختلفة بجميع أنحاء مصر حينما اكتمل البرنامج في عام ٢٠٠٧. علاوة على ذلك، تمت الجمعية بنشر موادها و معلوماتها لمساعدة المنظمات غير الحكومية الأخرى التي تعمل في نفس المجال. حقاً، فإن المبادرات المماثلة لمبادرة (WESC) نادرة في مصر ، ولكن تأثيرهم الإيجابي على المجتمع قد يكون واضح بفضل كبير إلى الطريقة التي يتم بها نقل المعلومات من منظمة إلى أخرى.